السلام عليكم ورحمة الله وبركاته




الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:
فهذه مقالة مُقتضَبة مختصرة، أردت أن أبَيِّن فيها بعض الأحكام المهمّة الّتي يحتاج إليها المسلم الّذي يرتاد الشّواطئ في فصل الصّيف، متعلّقةً بالصّلاة، واللّباس، وستر العورة، وأحكام اللّهو واللّعب .. فأصحّح فيها بعضَ الأخطاء الواقعة، وأحذّر أيضا من منكرات شائعة، نسأل الله تعالى أن يعلّمَنا ما جهِلنا، وأن ينفعَنا بما علّمنا.
مسائل الصّلاة. 1- إيّاك والغفلةَ عن الصّلاة!
أيّها
المسلم .. لقد قصدتَ الشّاطئ من أجل النّزهة وقضاء العُطلة، وليس من معنى
العطلة أن تُعطِّل نفسَك عن عبادة الله! فتؤخّرَ الصّلاة عن وقتِها أو
تتركَها، قال
تعالى:{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ}.
وهذا الوعيد في حقّ من تهاون بها فأخرجها عن وقتها، فكيف يكون حال من لا يؤدّيها أصلا ؟!
2- ماء البحر طهور.
واعلم أنّ ماء البحر صالِح للطّهارة؛ قال النّبِيّ
صلّى الله عليه وآله وسلّم في البحر: (( هُوَ الطَّهُورُ مَاؤُهُ )) [رواه أهل السّنن].
ولا يُستثْنَى من هذا إلاّ الشّواطئ الّتي تُصبّ فيها النّجاسات، فتغيّر لونَ الماء أو طعمَه أو رائحتَه، فهذا لا يجوز استعمالُه في الطّهارة، ولا شُربُه، ولا السّباحة فيه.
3- أجِب نداءَ صلاة الجماعة.
وإذا كان المسجد قريبا، ولم يكن هناك ما يمنع من الالتحاق به، فإجابة النّداء واجبة.
وإذا كان المسجد بعيدا عن
الشّاطئ، فالواجب أداءُ الصّلاة جماعةً، وأقلُّ الجماعة اثنان، فعن مالكِ
بْنِ الحُويرِث قال: أَتَى رَجلانِ النَّبِيَّ
صلّى الله عليه وسلّم يريدان السَّفَر، فقال النَّبِيُّ صلّى الله عليه وآله وسلّم: (( إِذَا أَنْتُمَا خَرَجْتُمَا، فَأَذِّنَا، ثُمَّأَقِيمَا، ثُمَّ لْيَؤُمُّكُمَا أَكْبَرُكُمَا )) [متفق عليه].
ولا ينبغي الاستهانة بالجماعة؛ فإنّ في أداء الصّلاة جماعةً إظهاراً لأعظمِ شعائر الدّين.
4- رخصة القَصْر.
وإذا كُنْت مسافرا، فإنّه
يُشرَع لك القصْرُ ولو كنت في سفرِ نزهة؛ لأنّ علّة ثُبوت الرّخصة هي
السّفر لا المشقّة، والسّفر في حدّ ذاته مشقّةٌ لقوله
صلّى الله عليه وآله وسلّم: (( السَّفَرُ قِطْعَةٌ مِنَ العَذَابِ )) [متفق عليه].
وعن عائشة
رضي الله عنها قالت: فُرِضَت الصَّلاةُ ركعتين ركعتين في الحضر والسّفر، فَأُقِرَّتْ صَلاةُ السَّفر، وزِيدَ في صلاةِالحضَر )) [متفق عليه].
5- لا تتساهلْ في الجمعِ بين الصّلاتين.
وليس الجمع بين الصّلاتين من رُخَص السّفر المطلقة، ولكنّها رخصةٌ متعلِّقَة بالحرج، وقد جمع النبيّ
صلّى الله عليه وآلهوسلّم بين الصّلاتين في المدينة من غير خوف ولا مطر، فسئل ابن عبّاس رضي الله عنهما: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ ؟ فقال: (( أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أَحَداً مِنْ أُمَّتِهِ )) [رواه مسلم].
وروى ابن عبّاس أنّ النّبِيّ
صلّى الله عليه وسلّم جَمَع بين الصّلاة في سَفْرَةٍ سافرَها في غَزْوةِ تبوك، فسُئِل ابنُ عبَّاس: مَا حَمَلَهُ عَلَى ذَلِكَ ؟ قال: (( أَرَادَ أَنْ لاَ يُحْرِجَ أُمَّتَهُ )) [رواه مسلم].
فعلّق الجمعَ في الحالين برفعِ الحرج، وهذا اختيار ابن تيمية
رحمه الله.
6- إذا صلّيْتَ خلف مقيمٍ فأَتِمَّ الصّلاة.
ولا ينبغي للمسافرِ إذا صلّى خلف المقيمِ أن يَقْصُرَ، بل عليه أن يُتِمَّ؛ لأنّ متابعةَ الإمامِ واجبةٌ، وقصْرُ الرّباعيّة سنّة.
ولأنّ الصّحابة
رضي الله عنهم أتَمُّوا خلف عثمان رضي الله عنه بِمِنًى لمّا أتَمَّ صلاتَه.
وقد روى أحمدُ أنّه قيل لابن عبّاس
رضي الله عنه: إنَّا إذَا كُنَّا مَعَكُمْ صَلَّيْنَا أَرْبَعًا، وَإِذَا رَجَعْنَا صَلَّيْنَا رَكْعَتَيْنِ ؟ فَقَالَ:" تِلْكَسُنَّةُ أَبِي الْقَاسِمِصلّى الله عليه وآله وسلّم ".
وأصلُه في صحيح مسلم بلفظ: قُلْت لابنِ عبّاسٍ
رضي الله عنهما: كَيْفَ أُصَلِّي إذَا كُنْت بِمَكَّةَ إذَا لَمْ أُصَلِّ مَعَ الْإِمَامِ ؟ قَالَ:" رَكْعَتَيْنِ، سُنَّةُ أَبِي القَاسِمِصلّى الله عليه وآله وسلّم ".
وبهذا قال جمهور العلماء.
7- الصّلاة مكشوفَ الظّهر، والصّدر.
ولا ينبغِي للرّجل أن يُصَلِّي كاشفاً عن أعلى جسمه، لقول النبيّ
صلّى الله عليه وآله وسلّم: (( لَا يُصَلِّي أَحَدُكُمْ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ لَيْسَ عَلَى عَاتِقَيْهِ شَيْءٌ )) [متفق عليه].
وهذا النّهي محمولٌ على
الكراهة عند جمهور العلماء، والله تعالى لم يأمرْنا في الصّلاة بسترِ
العورة فحسْب، بل أمرنا بأخذ الزّينة كذلك؛ فقال:{
يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ}
[الأعراف:31].
[center]مسائل اللّباس، والعورة.