استهزاء الكفار بالأنبياء ليس بجديد .
قال تعالى :وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاَةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْقِلُونَ [المائدة : 58]
قال صاحب أضواء البيان رحمه الله في تفسير هذه الآية :
قال الكلبي: كان إذا أذن المؤذن وقام المسلمون إلى الصلاة قالت اليهود: قد قاموا لا قاموا؛ وكانوا يضحكون إذا ركع المسلمون وسجدوا وقالوا في حق الأذان: لقد ابتدعت شيئا لم نسمع به فيما مضى من الأمم، فمن أين لك صياح مثل صياح العير؟ فما أقبحه من صوت، وما أسمجه من أمر. وقيل: إنهم كانوا إذا أذن المؤذن للصلاة تضاحكوا فيما بينهم وتغامزوا على طريق السخف والمجون؛ تجهيلا، وتنفيرا للناس عنها وعن الداعي إليها. وقيل: إنهم كانوا يرون المنادي إلي بمنزلة اللاعب الهازئ بفعلها، جهلا منهم بمنزلتها؛ فنزلت هذه الآية، ونزل قوله سبحانه: "ومن أحسن قولا ممن دعا إلى الله وعمل صالحا" [فصلت: 33]
قال تعالى {َمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَيُجَادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنذِرُوا هُزُواً}[الكهف : 56]
قال ابن كثير في تفسيره :{ ثم قال تعالى {وما نرسل المرسلين إلا مبشرين ومنذرين} أي قبل العذاب مبشرين من صدقهم وآمن بهم, ومنذرين لمن كذبهم وخالفهم, ثم أخبر عن الكفار بأنهم {يجادلون بالباطل ليدخصوا به الحق} أي ليضعفوا به الحق الذي جاءتهم به الرسل, وليس ذلك بحاصل لهم, {واتخذوا آياتي وما أنذروا هزواً} أي اتخذوا الحجج والبراهين وخوارق العادات التي بعث بها الرسل وما أنذروهم وخوفوهم به من العذاب {هزواً} أي سخروا منهم في ذلك وهو أشد التكذيب
وقال تعالى{أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ وَلِقَائِهِ فَحَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا (105) ذَلِكَ جَزَاؤُهُمْ جَهَنَّمُ بِمَا كَفَرُوا وَاتَّخَذُوا آَيَاتِي وَرُسُلِي هُزُوًا }[الكهف : 105/106]
قال ابن كثير { {ذلك جزاؤهم جهنم بما كفروا} أي إنما جازيناهم بهذا الجزاء بسبب كفرهم واتخاذهم آيات الله ورسله هزواً, استهزءوا بهم وكذبوهم أشد التكذيب}
وقال تعالى {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ وَهُم بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ [الأنبياء : 36]
ذكر ابن كثير في تفسيره :
{يقول تعالى لنبيه صلوات الله وسلمه عليه {وإذا رآك الذين كفروا} يعني كفار قريش كأبي جهل وأشباهه {إن يتخذونك إلا هزواً} أي يستهزئون بك وينتقصونك, يقولون: {أهذا الذي يذكر آلهتكم} يعنون أهذا الذي يسب آلهتكم ويسفه أحلامكم, قال تعالى {وهم بذكر الرحمن هم كافرون} أي وهم كافرون بالله ومع هذا يستهزئون برسول الله,
وقال أيظاً {وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهَذَا الَّذِي بَعَثَ اللَّهُ رَسُولاً [الفرقان : 41]
قال السعدي رحمه الله :
{وإذا رأوك إن يتخذونك إلا هزوا أهذا الذي بعث الله رسولا إن كاد ليضلنا عن آلهتنا لولا أن صبرنا عليها وسوف يعلمون حين يرون العذاب من أضل سبيلا أرأيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا أم تحسب أن أكثرهم يسمعون أو يعقلون إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا وإذا رأوك يا محمد ، أي : هؤلاء المكذبون لك ، المعاندون لآيات الله ، المستكبرون في الأرض ، استهزؤوا بك ، واحتقروك ، وقالوا ـ على وجه الاحتقار والاستصغار " أهذا الذي بعث الله رسولا " أي : غير مناسب ، ولا لائق ، أن يبعث الله هذا الرجل ، وهذا من شدة ظلمهم وعنادهم ، وقلبهم الحقائق ، فإن كلامهم هذا يفهم أن الرسول ـ حاشاه ـ في غاية الخسة والحقارة ، وأنه لو كنت الرسالة لغيره ، لكان أنسب .
مما سبق نرى كم أوذوا الرسل في سبيل الله وكم استهزاء بهم منذ أن بعث الله نوحاً عليه السلام قال تعالى ( َيَصْنَعُ الْفُلْكَ وَكُلَّمَا مَرَّ عَلَيْهِ مَلأٌ مِّن قَوْمِهِ سَخِرُواْ مِنْهُ قَالَ إِن تَسْخَرُواْ مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنكُمْ كَمَا تَسْخَرُونَ [هود : 38]
ما فعله كفار الدنمارك بنبينا الكريم عليه صلاوات الله وسلامه لهم سلف في ذلك قال تعالى {وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ [الأنعام : 10]
فما يفعله بعض جهال المسلمين من الدعوة إلى المقاطعة وإبتداع ألفاظ ما سمعناها من قبل مثل (إلا رسول الله ) لا يدل إلا على بعدهم عن دينهم لأنهم لم يردوا الأمر إلى علمائهم كما أمر الله تعالى حيث قال { وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مِّنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلاَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلاَّ قَلِيلاً [النساء : 83]
ثم ألا نتبع هدي النبي لى الله عليه وسلم في علاج مثل هذا الأمر ماذا فعل رسولنا صلى الله عليه وسلم هل قاطع كفار قريش بعدما استهزأو به .أم هل سار في مسيرة احتجاج ضد اليهود هل أحرق علم اليهود .؟؟؟؟؟ لا ألم يسب اليهود النبي صلى الله عليه وسلم ألم يسمموا له شاة ..نعم .
ولكنه مات ودرعه مرهونة عند يهودي .
أتدرون ماذا فعل ....؟
جاء الأمر الإلهي
فقال عز وجل :
{ فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ (94) إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ (95) الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آَخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (96) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ (97) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (98) وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ }
قال السعدي في تفسيره لهذه الآية :
{ثم أمر الله رسوله أن لا يبالي بهم ، ولا بغيرهم ، وأن يصدع بما أمر الله ، ويعلن بذلك لكل أحد ولا يعوقنه عن أمر عائق ولا تصده أقوال المتهوكين ،
" وأعرض عن المشركين "
أي لا تبال بهم ، واترك مشاتمتهم ومسابتهم ، مقبلا على شأنك ،
" إنا كفيناك المستهزئين "
بك وبما جئت به ، وهذا وعد من الله لرسوله ، أن لا يضره المستهزئون ، وأن يكفيه الله إياهم بما شاء من أنواع العقوبة . وقد فعل تعالى ، فإنه ما تظاهر أحد بالاستهزاء برسول الله صلى الله عليه وسلم وبما جاء به ، إلا أهلكه الله ، وقتله شر قتله . ثم ذكر وصفهم وأنهم كما يؤذونك يا رسول الله ، فإنهم أيضا ، يؤذون الله
" الذين يجعلون مع الله إلها آخر "
وهو ربهم وخالقهم ، ومنه برهم
" فسوف يعلمون "
غب أفعالهم إذا وردوا القيامة .
" ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون "
لك من التكذيب والاستهزاء . فنحن قادرون على استئصالهم بالعذاب ، والتعجيل لهم بما يستحقونه ، ولكن الله يمهلهم ولا يهملهم . ( ف ـ ) أنت يا محمد
" فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين "
أي : أكثر من ذكر الله ، وتسبيحه ، وتحميده ، والصلاة ، فإن ذلك يوسع الصدر ، ويشرحه ، ويعينك على أمورك .
" واعبد ربك حتى يأتيك اليقين "
أي : الموت ، أي : استمر في جميع الأوقات على التقرب إلى الله بأنواع العبادات ، فامتثل صلى الله عليه وسلم أمر ربه ، فلم يزل دائبا في العبادة ، حتى أتاه اليقين من ربه صلى الله عليه وسلم ، تسليما كثيرا .}أ .هـ
وهذا تفسير ابن كثير للآية :
{وقوله: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين} أي وإنا لنعلم يا محمد أنك يحصل لك من أذاهم لك ضيق صدر وانقباض فلا يهيدنك ذلك ولا يثنينك عن إبلاغك رسالة الله, وتوكل عليه فإنه كافيك وناصرك عليهم, فاشتغل بذكر الله وتحميده وتسبيحه وعبادته التي هي الصلاة, ولهذا قال: {فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين}. كما جاء في الحديث الذي رواه الإمام أحمد: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي, حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة عن نعيم بن همّار أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «قال الله تعالى يا ابن آدم لا تعجز عن أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره» ورواه أبو داود والنسائي من حديث مكحول عن كثير بن مرة بنحوه, ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلى.
}
ومن هنا نعلم إن ما يفعله عوام المسلمون اليوم إزاء هذا الأمر ليس بالأمر الصائب وكيف إنهم يتبعون كل ناعق.
ثم كيف تعصى الله وتعصي رسوله صلى الله عليه وسلم ,في أغلب الأمور تتهاون في الصلاة ,تتمسح بالقبور تشرب الخمر تدخن تزني تدخل المواقع الخليعة تسمع الغناء و تدعي محبة الله وسول .
تحب الدوري الإيطالي والإنكليزي وكأس أوروبا وكأس العالم وتشجع الجوفنتس والميلان وريال مدريد و..و..وتحفظ أسماء لاعبيهم ولا تحفظ القرآن تحفظ أعمارهم وأسعارهم ومن تزوج منهم ومتى القائمة تطول وتضع صورهم في بيتك وجوالك .
ثم تقول أنا أكره الكفار تقضي صيفك بين ظهرانيهم وتنبهر بحضارتهم وتعجب بمعاملتهم ثم تقول نقاطع الدنمارك وهولندا و...ألا تعلم أن الكفر ملة واحدة لاتخدع نفسك ولا الآخرين بهذه الخزعبلات .
ليس بهذا ننصر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعالى { قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [آل عمران : 31]
قال ابن كثير في هذه آية كلام يكتب بالذهب فتأمله جيداً :
(هذه الاَية الكريمة حاكمة على كل من ادعى محبة الله وليس هو على الطريقة المحمدية فإنه كاذب في دعواه في نفس الأمر حتى يتبع الشرع المحمدي, والدين النبوي في جميع أقواله وأفعاله وأحواله, كما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم, أنه قال «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد» ولهذا قال: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} أي يحصل لكم فوق ما طلبتم من محبتكم إياه وهو محبته إياكم, وهو أعظم من الأول, كما قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تحب, إنما الشأن أن تَحب. وقال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قوم أنهم يحبون الله, فابتلاهم الله بهذه الاَية, فقال {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله} وقد قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي, حدثنا علي بن محمد الطنافسي, حدثنا عبيد الله بن موسىَ عن عبد الأعلى بن أعين, عن يحيى بن أبي كثير, عن عروة, عن عائشة رضي الله عنها, قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «وهل الدين إلا الحب والبغض قال الله تعالى: {قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني} قال أبو زرعة عبد الأعلى هذا منكر الحديث.
ثم قال تعالى: {ويغفر لكم ذنوبكم, والله غفور رحيم} أي باتباعكم الرسول صلى الله عليه وسلم, يحصل لكم هذا كله من بركة سفارته, ثم قال تعالى آمراً لكل أحد من خاص وعام {قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا} أي خالفوا عن أمره {فإن الله لا يحب الكافرين} فدل على أن مخالفته في الطريقة كفر, والله لا يحب من اتصف بذلك, وإن ادعى وزعم في نفسه أنه محب لله ويتقرب إليه حتى يتابع الرسول النبي الأمي خاتم الرسل ورسول الله إلى جميع الثقلين: الجن والإنس, الذي لو كان الأنبياء بل المرسلون بل أولو العزم منهم في زمانه ما وسعهم إلا اتباعه, والدخول في طاعته, واتباع شريعته, كما سيأتي تقريره عند قوله تعالى: {وإذ أخذ الله ميثاق النبيين} الاَية, إن شاء الله تعالى.
قال لي أحد الأعاجم وهو من أدغال أفريقيا وكنت أستمع أنا وهو آيات من سورة البقرة قال :يا أخي إن هذا القرآن يخاطب العقلاء ..... سبحان الله
فأين العقلاء ......؟
نعم من يحب الرسول صلى الله عليه وسلم فليتبع سنته وليطبق شرع الله في نفسه أولاً
أما رفع شعارات ما أنزل الله بها من سلطان وعدم الرجوع للعلماء في مثل هذه الظروف ما هو إلا جهل وظلمات بعضها فوق بعض إذا كنت تكتب ليكون ما تكتب قربى لله فيجب يا أخي أن يكون وفق الشرع وأن يكون لله تعالى .