قال : (( أما الرجال فباللحى ، و أما النساء فبالذوائب و النواصي ... فكم من ذي شيبةٍ من أمتي يُقبَضُ على لحيته وهو ينادي: واشَيْبتاه واضعفاه ، و كم من شاب قد قُبض على لحيته ، يُساق إلى النار و هو ينادي : واشباباه و احُسن صورتاه ، و كم من امرأة من أمتي قد قُبض على ناصيتها تُقاد إلى النار و هي تنادي : وافضيحتاه واهتك ستراه ، حتى يُنتهى بهم إلى مالك ، فإذا نظر إليهم مالك قال للملائكة: من هؤلاء ؟ فما ورد عليّ من الأشقياء أعجب شأناً من هؤلاء ، لم تَسْوَدّ وجوههم ولم تَزرقّ أعينهم و لم يُختَم على أفواههم و لم يُقرّنوا مع الشياطين و لم توضع السلاسل و الأغلال في أعناقهم
فيقول الملائكة : هكذا أُمِرنا أن نأتيك بهم على هذه الحالة ... فيقول لهم مالك: يا معشر الأشقياء من أنتم ؟ ! وروي في خبر آخر : أنهم لما قادتهم الملائكة قالوا : وامحمداه ، فلما رأوا مالكاً نسوا اسم محمد صلى الله عليه وسلم من هيبته ، فيقول لهم : من أنتم ؟ فيقولون : نحن ممن أُنزل علينا القرآن،ونحن ممن يصوم رمضان . فيقول لهم مالك: ما أُنزل القرآن إلا على أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، فإذا سمعوا اسم محمد صاحوا : نحن من أمة محمد صلى الله عليه وسلم . فيقول لهم مالك : أما كان لكم في القرآن زاجرٌ عن معاصي الله تعالى ... فإذا وقف بهم على شفير جهنم، ونظروا إلى النار وإلى الزبانية قالوا : يا مالك ائذن لنا نبكي على أنفسنا ، فيأذن لهم ، فيبكون الدموع حتى لم يبق لهم دموع ، فيبكون الدم ، فيقول مالك : ما أحسن هذا البكاء لو كان في الدنيا ، فلو كان في الدنيا من خشية الله ما مسّتكم النار اليوم ... فيقول مالك للزبانية : ألقوهم ... ألقوهم في النار فإذا أُلقوا في النار نادوا بأجمعهم : لا إله إلا الله ، فترجع النار عنهم ، فيقول مالك: يا نار خذيهم ، فتقول : كيف آخذهم و هم يقولون لا إله إلا الله ؟ فيقول مالك : نعم ، بذلك أمر رب العرش ، فتأخذهم فمنهم من تأخذه إلى قدميه ، و منهم من تأخذه إلى ركبتيه ، و منهم من تأخذه إلى حقويه، ومنهم من تأخذه إلى حلقه ، فإذا أهوت النار إلى وجهه قال مالك : لا تحرقي وجوههم فطالما سجدوا للرحمن في الدنيا ، و لا تحرقي قلوبهم فلطالما عطشوا في شهر رمضان ... فيبقون ما شاء الله فيها ، و يقولون : يا أرحم الراحمين يا حنّان يا منّان ، فإذا أنفذ الله تعالى حكمه قال : يا جبريل ما فعل العاصون من أمة محمد صلى الله عليه وسلم ؟ فيقول : اللهم أنت أعلم بهم . فيقول انطلق فانظر ما حالهم فينطلق جبريل عليه السلام إلى مالك و هو على منبر من نار في وسط جهنم ، فإذا نظر مالك على جبريل عليه السلام قام تعظيماً له ، فيقول له يا جبريل : ماأدخلك هذا الموضع ؟ فيقول : ما فَعَلْتَ بالعصابة العاصية من أمة محمد ؟ فيقول مالك : ما أسوأ حالهم و أضيَق مكانهم،قد أُحرِقَت أجسامهم، و أُكِلَت لحومهم، وبقِيَت وجوههم و قلوبهم يتلألأ فيها الإيمان . فيقول جبريل : ارفع الطبق عنهم حتى انظر إليهم . قال فيأمر مالك الخَزَنَة فيرفعون الطبق عنهم ، فإذا نظروا إلى جبريل و إلى حُسن خَلقه، علموا أنه ليس من ملائكة العذاب فيقولون : من هذا العبد الذي لم نر أحداً قط أحسن منه ؟ فيقول مالك : هذا جبريل الكريم الذي كان يأتي محمداً صلى الله عليه وسلم بالوحي ، فإذا سمعوا ذِكْر محمد صلى الله عليه و سلم صاحوا بأجمعهم : يا جبريل أقرئ محمداً صلى الله عليه و سلم منا السلام ، و أخبره أن معاصينا فرّقت بيننا وبينك، وأخبره بسوء حالنا . فينطلق جبريل حتى يقوم بين يدي الله تعالى ، فيقول الله تعالى : كيف رأيت أمة محمد ؟ فيقول : يارب ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم . فيقول : هل سألوك شيئاً ؟ فيقول : يا رب نعم ، سألوني أن أُقرئ نبيّهم منهم السلام و أُخبره بسوء حالهم . فيقول الله تعالى : انطلق فأخبره ... فينطلق جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في خيمة من درّة بيضاء لها أربعة آلاف باب ، لكل باب مصراعان من ذهب ، فيقول: يا محمد … قد جئتك من عند العصابة العصاة الذين يُعذّبون من أمتك في النار ، و هم يُقرِئُونك السلام و يقولون ما أسوأ حالنا، و أضيق مكاننا فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم إلى تحت العرش فيخرّ ساجداً ويثني على …الله تعالى ثناءً لم يثنِ عليه أحد مثله ... فيقول الله تعالى : ارفع رأسك ، و سَلْ تُعْطَ ، و اشفع تُشفّع ... فيقول : (( يا رب الأشقياء من أمتي قد أنفذتَ فيهم حكمك و انتقمت منهم ، فشفّعني فيهم ))
فيقول الله تعالى : قد شفّعتك فيهم ، فَأْتِ النار فأخرِج منها من قال لا إله إلا الله . فينطلق النبي صلىالله عليه و سلم فإذا نظر مالك النبي صلى الله عليه وسلم قام تعظيماً له فيقول : (( يا مالك ما حال أمتي الأشقياء ؟ ! )) فيقول : ما أسوأ حالهم و أضيق مكانهم . فيقول محمد صلى الله عليه و سلم : (( افتح الباب و ارفع الطبق )) ، فإذا نظر أصحاب النار إلى محمد صلى الله عليه و سلم صاحوا بأجمعهم فيقولون : يا محمد ، أَحْرَقت النار جلودنا و أحرقت أكبادنا ، فيُخرجهم جميعاً و قد صاروا فحماً قد أكلتهم النار فينطلق بهم إلى نهر بباب الجنة يسمى نهر الحيوان ، فيغتسلون منه فيخرجون منه شباباً جُرْدَاً مُرْدَاً مُكحّلين و كأنّ وجوههم مثل القمر ، مكتوب على جباههم "الجهنّميون عتقاء الرحمن من النار" ، فيدخلون الجنة فإذا رأى أهل النار أن المسلمين قد أُخرجوا منها قالوا : يا ليتنا كنا مسلمين وكنا نخرج من النار، وهو قوله تعالى : رُبّمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفََرَواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ الحجر:2
* و عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : (( اذكروا من النار ما شئتم ، فلا تذكرون شيئاً إلا وهي أشد منه ))
* و قال : (( إنّ أَهْوَن أهل النار عذاباً لَرجلٌ في رجليه نعلان من نار يغلي منهما دماغه ، كأنه مرجل ، مسامعه جمر، وأضراسه جمر ، و أشفاره لهب النيران ، و تخرج أحشاء بطنه من قدميه ، و إنه لَيَرى أنه أشد أهل النار عذاباً ، و إنه مِن أهون أهل النار عذاباً ))
* و عن ميمون بن مهران أنه لما نزلت هذه الآية : } وَ إِنَّ جَهَنّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ { [ الحجر:43 ] ، وضع سلمان يده على رأسه و خرج هارباً ثلاثة أيام ، لا يُقدر عليه حتى جيء به .
اللهم أَجِرْنَا من النار ... اللهم أجرنا من النار ... اللهم أجرنا من النار ...
اللهم أَجِر كاتب هذه الرسالة من النار ... اللهم أجر قارئها من النار…
اللهم أجر مرسلها من النار ... اللهم أجرنا والمسلمين من النار ...
آمين … آمين … آمين