إندهشت عندما رأيته جالس القرفصاء والسجارة بين سبابته ووسطاه,
يتلذذ ويفكر في عمق كأن همو م الدنيا كلها نزلت عليه في تلك اللحظة,
رغم صغر سنه.
كانت تلك هي أول مرة أراه فيا يدخن, لميكن يهمني كيف ثم ذلك .
لم يكن يهمني إلا أن أقنعه بأن لا يكرر ذلك مرة أخرى. فلما رآني إبتسم إبتسامة وكأني به يقول:-أنظر ها أنا أصبحت رجلا. لم أتوقع ردة فعله تلك فإنتابني شيء من الصدمة شيء جعلني أغضب,فأمسكت سجارته
وعفرتها في التراب, لكنه لم يأبه بتصرفي فقام مديرا ظهره لي وقال ببرودة:-أراك لاحقا. وقفت لم أحرك ساكنا شاخص العينين أنظر إليه حتى إختفى عن ناظري.
وبعد مدة أصبح أمر تدخينه أمرا إعتياديا, يمر في الازقة والشوارع مستهترا غير مبال أن يراه أحد.
ولا ريب أنأصدقاء السوء هم السبب الأول والرئيسي فيما هو فيه, غير أن الوضع إزداد تفاقما وتطورا وسوءا إلى ان أصبح يتعاطى لفافات الحشيش والشيشة تارة, والخمر تارة أخرى, مما غاله هذا الأخيرفأصبح جسمه نحيفا ضعيفا هزيلا , وتفه عطائه في دراسته وتندحت مشاكله بين هذا وذاك وهنا وهناك.
ذهلني حقا أمر صديقي المسكين ووجدت نفسي امامالعديد من الأسئلة لا أجوبة لها.
لكن لفت إنتباهي واكتشفت أنه يوجد العديد من أمثله الذين خاضوا غمار هذه التجربة الفاسدة.
مرت أيام وتتابعت شهور وبقي الحال على ما هو عليه, إلى أن أتى يوم مشؤوم يوم ساده الظلام’ ساده السكون, ساده الحزن والخوف,
نعم هذا ما شعرت به عندما رأيت حشدا من التلاميذ ملتفين حول المجلة الحائطية المدرسية , فإقتربت شيء فشيء فإذا بي أقف واجما في ذهول من أثر الصدمة, كان الخبر هو وفاة الصديق المسكين’ نعم لقد ذهب دون سابق إنذار.